سورة عبس - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (عبس)


        


{فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)}
أي تتشاغل من لهى عن الشيء والتهى وتلهى، وقرأ طلحة بن مصرف. تتلهى، وقرأ أبو جعفر {تلهى} أي يلهيك شأن الصناديد، فإن قيل قوله: {فَأَنتَ لَهُ تصدى.. فَأَنتَ عَنْهُ تلهى} كان فيه اختصاصاً، قلنا نعم، ومعناه إنكار التصدي والتلهي عنه، أي مثلك، خصوصاً لا ينبغى أن يتصدى للغني، ويتلهى عن الفقير.


{كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11)}
ثم قال: {كَلاَّ} وهو ردع عن المعاتب عليه وعن معاودة مثله.
قال الحسن: لما تلا جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآيات عاد وجهه، كأنما أسف الرماد فيه ينتظر ماذا يحكم الله عليه، فلما قال: {كَلاَّ} سرى منه، أي لا تفعل مثل ذلك، وقد بينا نحن أن ذلك محمول على ترك الأولى.
ثم قال: {إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} وفيه سؤالان:
الأول: قوله: {إِنَّهَا} ضمير المؤنث، وقوله: {فَمَن شَاء ذَكَرَهُ} [عبس: 12] ضمير المذكر، والضميران عائدان إلى شيء واحد، فكيف القول فيه؟
الجواب: وفيه وجهان الأول: أن قوله: {إِنَّهَا} ضمير المؤنث، قال مقاتل: يعني آيات القرآن، وقال الكلبي: يعني هذه السورة وهو قول الأخفش والضمير في قوله: {فَمَن شَاء ذَكَرَهُ} عائد إلى التذكرة أيضاً، لأن التذكرة في معنى الذكر والوعظ الثاني: قال صاحب النظم: {إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} يعني به القرآن والقرآن مذكر إلا أنه لما جعل القرآن تذكرة أخرجه على لفظ التذكرة، ولو ذكَّره لجاز كما قال في موضع آخر: {كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ} [المدثر: 54] والدليل على أن قوله: {إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} المراد به القرآن قوله: {فَمَن شَاء ذَكَرَهُ}.
السؤال الثاني: كيف اتصال هذه الآية بما قبلها؟
الجواب: من وجهين:
الأول: كأنه قيل: هذا التأديب الذي أوحيته إليك وعرفته لك في إجلال الفقراء وعدم الالتفات إلى أهل الدنيا أثبت في اللوح المحفوظ الذي قد وكل بحفظه أكابر الملائكة الثاني: كأنه قيل: هذا القرآن قد بلغ في العظمة إلى هذا الحد العظيم، فأي حاجة به إلى أن يقبله هؤلاء الكفار، فسواء قبلوه أو لم يقبلوه فلا تلتفت إليهم ولا تشغل قلبك بهم، وإياك وأن تعرض عمن آمن به تطييباً لقلب أرباب الدنيا.


{فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14)}
اعلم أنه تعالى وصف تلك التذكرة بأمرين الأول:
قوله: {فَمَن شَاء ذَكَرَهُ} أي هذه تذكرة بينة ظاهرة بحيث لو أرادوا فهمها والاتعاظ بها والعمل بموجبها لقدروا عليه والثاني: قوله: {فَى صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ} أي تلك التذكرة معدة في هذه الصحف المكرمة، والمراد من ذلك تعظيم حال القرآن والتنويه بذكره والمعنى أن هذه التذكرة مثبتة في صحف، والمراد من الصحف قولان: الأول: أنها صحف منتسخة من اللوح مكرمة عند الله تعالى مرفوعة في السماء السابعة أو مرفوعة المقدار مطهر عن أيدي الشياطين، أو المراد مطهرة بسبب أنها لا يمسها إلا المطهرون وهم الملائكة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5